أثر عدم تماثل المعلومات على كفاءة الأسواق المالية:
ماذا لو لم تكن السوق كفؤة؟ تظهر كفاءة السوق المالية عند مقارنتها بحالة اللاكفاءة. فعندما تكون السوق كفؤة فإن الأسعار تعكس المعلومات بصدق وبسرعة بمجرد وصولها، ماذا لو لم يتحقق الشرطان؟
إن الأسعار في السوق الكفؤة عشوائية لا يمكن التنبؤ بها، فإذا لم تنعكس المعلومات في الأسعار، فهذا يعني وجود فاصل بين وصول المعلومة وانعكاسها في الأسعار، يستغله بعض المستثمرين لتحقيق أرباح غير عادية لأنها غير دائمة، فسرعان ما تنتشر تلك المعلومة بين كافة المستثمرين، ويصبح هامش أرباح أولئك المستثمرين معدوما. في هذه الحالة يمكن التنبؤ بالأسعار، وهذا ما يعرف باللاكفاءة التي ينتج عنها فقدان الثقة في السوق المالية التي تبدأ بالانهيار تدريجيا.
إن غياب المعلومات يفسح المجال لاستغلالها من قبل عدد محدود من المتعاملين في إنجاز معاملات غير عادلة، لأنها تقوم على استغلال معلومات لا يملكها غيرهم، وبالتالي فحصول بعض المتعاملين على معلومات مهمة غير منشورة قبل غيرهم، يمكنهم من تحقيق أرباح مميزة.
ففي ورقة بحثية بعنوان "التكنولوجيا وإنتاج المعلومات وكفاءة السوق"، ناقش كل من (Shleifer and Gildor) تأثير التكنولوجيا على الأسواق المالية، فحسب رأيهما أن التقدم التكنولوجي أدى إلى تطور الأسواق المالية بصورة ملحوظة، إلا أن مستوى جودة المعلومات قد تدهور، وذلك لاجتذاب أعداد غفيرة من المستثمرين عديمي الخبرة في مجال السوق المالية، كما أن قدرتهم ضعيفة لاستيعاب المعلومات المفصح عنها وتقييم الأسهم وتحديد القرار الاستثماري الملائم على أساسها، فكانت خصائص أولئك المستثمرين بمثابة حافز قوي لدفع الشركات لتشويه المعلومات الواجب الإفصاح عنها وجعلها أكثر غموضا، كما طالبا بتنظيم برامج تعليم للمستثمرين وإصدار قواعد الإفصاح عن المعلومات.إذن تستطيع بعض الأطراف الداخلية للشركة في كثير من الحالات استغلال المعلومات المحاسبية قبل نشرها في القوائم والتقارير المالية لتحقيق أرباح غير عادية، كما قد تتعمد إدارة الشركة حجب بعض المعلومات على اعتقاد أنها تضر بمركزها التنافسي، وبهذا يؤدي عدم تماثل المعلومات إلى انسحاب الأطراف التي لا تملك معلومات فيصغر بذلك حجم السوق وترتفع تكلفة العمليات، وهو ما يؤدي بدوره إلى تخفيض سيولة الأسهم، مما يؤثر سلبا على حركة الاستثمار والتنمية الاقتصادية.
وقد أظهر (Milgron and Glosten) عام 1985، أن الفرق في السعر يزيد عندما تزداد أهمية المعلومات لدى الأطراف الداخلية، وكذلك عندما يرتفع عدد المتعاملين الذين يملكون المعلومات نسبة إلى عدد المتعاملين الذين هم بحاجة إلى سيولة جاهزة. إذن فزيادة عدم تماثل المعلومات بالنسبة لهم معين، تؤدي بالمختصين إلى وضع مدى "spread" واسع لتقليل التعامل في السهم حتى يختفي مدى السعر في السوق