يحضُرني قول ميخائيل نعيمة، المفكر اللبناني: "لكي يستطيع الكاتبُ أن يكتب والناشرُ أن ينشر، فلابد من أمةٍ تقرأ، ولكي تكون لنا أمةٌ تقرأ لابد من حكاّم يقرأون".
فكيف لمن لا يقرأ أن يرعى الإرث الإبداعي لأمّته، أو يحافظ على أصحاب الفكر كما يحمي المعالمَ الوطنية، ويحتفي بميلاد كاتب احتفاءَه باكتشاف منجم، أو ثروة طبيعية؟
كان ستالين، والنازيون على أبواب موسكو، ينادي الشعب الروسي عبر المذياع للمقاومة، صائحاً لشحذ الهمم: "دافعوا عن وطن بوشكين وتولستوي". ذلك أن الأوطان تُنسب لكُتابها كما تُنسب لقادتها، فرنسا بلدُ فيكتور هيغو كما هي بلدُ نابليون، وبريطانيا بلدُ شكسبير، وروسيا موطن بوشكين، ودغستان ما كان العالم ليسمع بها لولا رسول حمزاتوف، وألمانيا ما فتئت تحرُص على الإنتساب لنيتشِه وغوتِه، لتغطي بعبقريتهما على زمن كانت تنسب فيه لهتلر.
ذلك أن أمةً تنسب للقتلة لا لمبدعيها ، لا مكان لها في وجدان البشرية، ولن يحترمها التاريخ.