كان المفهوم الأول للإدارة النقدية هو باستعمال المعيار الذهبي الذي بدات الدول في استعماله مند النصف الثاني من القرن التاسع عشر و باختصار ، فقد كان يعتمد على المبادئ التالية :
أ) اعتاد كل بلد على تحديد سعر صرف ثابت لعملته الوطنية بمقارنتها مع الذهب و كان لا بد من استبدال العملة الوطنية بالذهب.
ب) كمية النقود و السيولة الموجودة في بلد ما كان يجب أن تتوافق بدقة مع كمية الذهب. بمعنى آخر ، إذا زاد مقدار الذهب في بلد ما ، كان على البنك المركزي الزيادة في طباعة النقود و العكس بالعكس.
ج) يمكن استيراد الذهب وتصديره دون فرض أي رسوم.
لكن العيب الرئيسي موجود في الفقرة (ب). في الواقع ، حتى لو ارتفعت كمية الدهب فإن الزيادة في طباعة النقود يمكن أن تسبب مشاكل في الاقتصاد المحلي مثل ارتفاع التضخم أو ارتفاع معدلات البطالة.
تم استعمال المعيار الذهبي بنجاح حتى الثلاثينيات من القرن العشرين, بحيث واجه النظام العالمي في هذه الفترة بعض المشكلات :
1. ارتفع حجم واردات الذهب وصادراته بشكل ملحوظ في ذلك الوقت ، لكن في المقابل انخفضت معدلات إنتاج الذهب. ونتيجة لذلك ، واجهت البلدان مشكلة تقنية بحتة تتمثل
في نقص الذهب في الواردات والصادرات. و لحل هذه المشكلة كان لابد من التحكم و ضبط سعر الذهب.
2. اندلاع الكساد العظيم في جميع أنحاء العالم في الثلاثينيات بحيث تراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 30-40 ٪ في معظم البلدان و ارتفعت معدلات البطالة بشكل كبير.
لذلك قررت حكومات بعض البلدان معالجة مشكلاتها عن طريق تخفيض قيمة عملتها الوطنية و خلقت هذه التطورات ظروفًا مواتية للشركات التي تركز على الصادرات
حيث استفادت صادراتها من تخفيض قيمة العملة المحلية و ساعدت هذه الشركات إلى انخفاض أسعار منتوجاتها في الأسواق الخارجية.
لذلك ، ارتفعت مبيعات التصدير على خلفية الطلب المتزايد الذي عزز معدلات الإنتاج, و بالتالي فالطفرة الصناعية تشجع الشركات على توظيف المزيد من الموظفين, وهكذا انخفضت البطالة.
الأهم من ذلك أن هذه الاستراتيجية خرقت الاتفاق الدولي بشأن المعيار الذهبي لأن الدول لم يكن لها الحق في تخفيض قيمة عملاتها الوطنية. تم الكشف عن هده الحالات و تمت عقوبة الدول المخالفة.
لكن في النهاية ، انهار النظام العالمي و اصبحت الأسواق المالية العالمية غارقة في الفوضى بمعنى آخر ، أصبحت أسعار صرف العملات عشوائية مما اثر بشكل سلبي على الاقتصاد العالمي و تسبب في ازمة اقتصادية عالمية في سنة 1929.