الإختلاف بين المحلل والمضارب

[MUHAMEDHELMY]

قد يبدوا لك من الوهلة الأولى أنه لا يوجد علامات فارقة ما بين المحلل الفني والمضارب النشط ، فحتى تكون قادراً على المضاربة في أسواق المال لا بد أن تحترف التحليل الفني وتمتلك خطة عمل تساعدك على ذلك ، وهذا صحيح من الناحية النظرية ، ولكن عند التطبيق الفعلي يبقى هناك إختلاف هائل ما بين المحللين الفنيين والمضاربين في السوق ، معرفتك لهذا الإختلاف بحد ذاته كفيل بمساعدتك على تقييم نفسك لتعرف إلى أي جهة تنتمي فعلياً ، وهو ما يمكن إختصاره بكلمة واحدة فقط ، وهي المشاركة في حركة السعر.


المشاركة في الحركة:


المقصود بالمشاركة في الحركة هي دخول هذه الصفقات فعلياً والإستفادة منها ، وليس فقط تحليلها ومشاهدتها عن بعد ، لنفترض أنك توقعت للدولار الأمريكي أن يصعد 300 نقطة للأعلى خلال الإسبوع القادم ، أو أنك توصلت إلى فرضية أن سهم سابك بناءاً على تحليلك الفني للسهم سيلامس مستوى 100 ريال خلال الشهر الحالي ، ما ستفعله خلال النقاط أدناه سيوضح إن كنت مجرد محلل فني يقوم بتحليل الأسواق فقط أو أنك مضارب نشط في السوق.


السيناريو الأول:
ستقوم بمشاهدة ما يحدث للدولار الأمريكي أو سهم سابك عن بعد بدون أن تغامر بوضع أموال حقيقية على رهانك وتحليلك ، وستشعر بسعادة غامرة ونشوة حقيقية عندما يصدق تحليلك بالرغم من أنه لم يكن هناك أي إٍستفادة مالية من ذلك. وهذا ما يطلق عليه الخبراء إعجاب الشخص بتحليله ان يكون على صواب اكثر من استفادته فعلياً بهذا التحليل.


السيناريو الثاني:
ستقوم بالرهان على تحليلك للسهم أو للعملة ولكنك ستغادر فوراً بعد أن يصعد السهم ريال أو ريالين فقط ومع ذلك ستقوم بإستعراض مهاراتك أمام الآخرين بأن السهم قد وصل بالفعل لنفس المنطقة التي توقعتها أنت مسبقاً. وهذا ينم عن عدم ثقة المحلل بتحليله الفني للسوق.


السيناريو الثالث:
ستقوم بالرهان على تحليلك للسهم أو للعملة وستشعر بضغط كبير وتوتر وقلق وخوف بعد تفعيل الصفقة ، ستقوم بمراقبة حركة السعر والإنتباه إلى أي علامات عاكسة للإتجاه بدون أن تغلق الصفقة ، ستقوم بعمل جني للأرباح بعد أن يصل السعر للمستوى المستهدف الذي توقعته أنت سابقاً.


والآن ، إذا لم تكن من ضمن الفئة الثالثة التي تشارك فعلياً بالصفقة وتنتظر السعر حتى يصل للمنطقة التي قمت بتوقع الوصول اليها سابقاً فمعنى ذلك أنك تستمتع فقط بالتحليل الفني ولكنك لم تصبح مضارب نشط بعد ، وهذا يعتبر مخاطرة كبيرة في مشوارك الاحترافي ، وذلك للأسباب التالية:


البعد عن التوتر والقلق والخوف:


بالطبع يعتبر عن جميع ما يقلقنا ويشعرنا بالخوف – في هذه الحالة المخاطرة بأموال حقيقية لتأكيد وجهة نظرنا – إلا أن ذلك يعتبر مخاطرة كبيرة غير محمودة العواقب ، هذا الأمر سيزيد من محاولاتك للبقاء في دائرة الأمان والتحليل عن بعد بدون المخاطرة بأموال حقيقية ، وبذلك لن تتقدم خطوة واحدة في احتراف التحليل الفني.


عدم الإستفادة – عاطفياً – من تحليل أسواق المال:


ما نحاول تعلمه حقيقة ليس فقط السيطرة على تحليلنا لأسواق المال ، ولكن عوضاً عن ذلك نحن نحاول بشدة السيطرة على عواطفنا بعد أن نقوم بتحليل السوق والمشاركة فيه ، لذلك عندما تقوم بالتحليل فقط بدون المشاركة في هذه الحركة فإنك لن تقوم بالتدرب على السيطرة على مشاعرك وعواطفك في السوق.


عدم الثقة في قراراتك وتحليلك الفني:


التفسير الوحيد للأشخاص الذين يقومون بتحليل الأسواق بدون المشاركة والرهان بأموالهم على تحليلهم انهم فقط لا يثقون بتحليلهم وقراراتهم ، وليس لأنهم لا يملكون المال للرهان على ذلك ، الشخص الذي سيستمر في غالباً بالتحليل بدون المضاربة في السوق سيزداد لديه عدم الشعور بالثقة في قراراته المضاربية مستقبلاً ، وهذا بالتأكيد شئ لا نرغب أبداً بالوصول اليه.


إذاً ما الحل؟


الحل هو أن تقوم بتحليل السهم الذي أمامك عن طريق الرسم البياني ( تحليل فني ) ، ثم تحدد بشكل عقلاني النسبة القادر على تحملها كخسارة ان لم يتحرك السهم بناءاً على تحليلك ( إدارة مالية ) ، ثم تقوم – وهذا الأهم – بالمشاركة في حركة هذا السهم وعدم الخروج منه قبل وصوله لوقف الخسارة أو للمستوى المستهدف الذي حددته أنت سابقاً ( المضاربة في السوق ).


خاتمة:


الهدف النهائي من دخولنا لأسواق المال هو تحقيق المال ، وليس المباهاة والغرور أمام الآخرين بأننا قادرين على توقع الحركة المستقبلية للسوق (لأنه بإختصار لا أحد قادر على ذلك) ، لذا حاول أن تستخدم التحليل الفني للغرض الذي من أجله تعلمنا التحليل الفني ، وهو المضاربة في أسواق المال وليس التحليل فقط.