من الشائع أن تجد في عالم تداول الفوركس أن عدد كبير من المتداولين لا يفضلون استخدام التحليل الأساسي — والذي ينطوي على دراسة الأخبار والعوامل الاقتصادية التي تحرك أسعار الصرف. يعتبر التحليل الفني، والذي يركز بشكل أكبر على النتائج النهائية لمساعدة المتداول في تحديد أماكن تجمع أوامر الشراء والبيع واكتشاف أفضل نقاط الدخول والخروج، هو الأكثر تفضيلاً وشعبية بين جموع المتداولين.

ليس لدي أي تحيز شخصي ضد التحليل الفني – بل في الواقع أراه جزء لا يتجزأ من أسلوبي الخاص في تداول العملات – ولكني اعتقد أن أفضل طريقة للاستفادة منه هو استخدامه في إطار أكثر شمولاً يرسم ملامحه العامة التحليل الأساسي. سأحاول في هذه المقالة أن أشرح خطوة بخطوة للمتداولين كيفية استخدام التحليل الأساسي ضمن خطتهم الفنية لتحديد أفضل فرص التداول.

استخدام التحليل الأساسي في تحديد الاتجاهات طويلة المدى. يمكن للتحليل الأساسي أن يساعدك في تحديد الاتجاهات طويلة الأجل، ولكنه لن يسعفك كثيراً في تفسير التحركات التي تحدث في السوق على المدى القصير. لهذا ابدأ تحليلك الأساسي وأنت تضع هذه المقولة في الاعتبار: هذا النوع من التحليل سيخبرك بالاتجاهات طويلة الأجل، ولكنك ستحتاج إلى التحليل الفني لمعرفة توقيت ونقاط الدخول والخروج بدقة.
التركيز على عجز الموازنة والميزان التجاري. أحد المعضلات التي ينطوي عليها استخدام التحليل الأساسي هو أنه يتطلب تحليل قدر هائل من المعلومات الأمر الذي قد يؤدي إلى إرباك المتداول، وهو السبب أيضاً في تفضيل بعض المستثمرين تجنب استخدامه تماماً. الخبر السار هنا هو أنك لست بحاجة للتعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات، حيث يمكنك تجاهل معظم هذه الأخبار لأن الجزء الأكبر منها لن يؤثر بشكل فعلي على تداولاتك. بدلاً من ذلك، ستركز بشكل رئيسي على التقارير الاقتصادية التي تظهر مقدار العجز في الموازنة العامة والميزان التجاري، فضلاً عن تحديد مقدار هذا العجز. الاقتصادات التي تعاني من هذا العجز المزدوج بصورة كبيرة ومتصاعدة، ودون ظهور إشارات على التعافي منها، توفر البيئة الخصبة لتهاوي قيمة عملاتها. في الاقتصادات القائمة على آليات السوق، تتراكم الثروات لدى هؤلاء الذين ينتجون أكثر مما يستهلكون – ولهذا يمثل العجز المزدوج في الموازنة والميزان التجاري إشارة على أن معدلات الاستهلاك تتفوق على معدلات الإنتاج الوطنية. ولهذا السبب، إذا نظرنا على الرسم البياني الشهري للدولار الأمريكي سنلحظ اتجاه هبوطي طويل الأمد في ظل معاناة الاقتصاد الأمريكي من العجز التجاري والمالي طوال العقد الماضي.
التركيز على المعروض النقدي. بالإضافة إلى عجز الموازنة والتجارة، تعتبر مراقبة المعروض النقدي، والذي تنشره البنوك المركزية بشكل روتيني (على سبيل المثال، يصدر الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة تقرير عن المعروض النقدي بشكل أسبوعي) واحدة من أهم البيانات التي يجب التركيز عليها. إذا كانت أرقام المعروض من النقود تأخذ منحنى صاعد فإن هذا يعطي إشارة على انخفاض محتمل في قيمة العملة نتيجة التضخم المتوقع من زيادة النقد المتداول في الاقتصاد. على العكس من ذلك، يعطي انخفاض المعروض النقدي إشارة على ندرة محتملة في حجم البنكنوت المتداول وهو ما قد يؤدي إلى زيادة قيمة العملة المعنية. عند مراقبة هذه البيانات لا تركز بشكل كبير على الأرقام الأسبوعية بل راقب الاتجاه العام مثل التغير الحاصل من سنة إلى أخرى والذي سيعطيك إشارات أكثر موثوقية على الاتجاهات المتوقعة للعملات في المدى الطويل. وكما يخبرنا متداول وخبير الفوركس الشهير بيتر بين، الاتجاه هو دائماً صديقك.
التسلح بهذه البيانات الهامة – أي العجز والمعروض النقدي – سيجعلنا قادرين على رسم توقعات لاتجاهات العملة خلال السنوات المقبلة بشكل أكثر دقة. إذا أجرينا تحليل شامل للعملات الرئيسية سيكون بمقدورنا التأكد من أن العملات الصاعدة هي تلك التي تنتمي إلى اقتصادات أكثر إنتاجية، فيما تعكس العملات الهابطة أن اقتصاداتها تعاني من خلل زيادة معدلات الاستهلاك على حساب الإنتاج. تساعدنا هذه المعلومات على تحديد وجهة التدفقات الرأسمالية من خلال بيع عملات البلدان التي تعاني من هذا الخلل، والذي يؤدي بدوره إلى تزايد العجز وتضخم المعروض النقدي، فيما نركز على شراء عملات البلدان التي تحقق فوائض مستمرة. الآن وبعد أن حددنا العملات التي ننوي تداولها والاتجاهات التي نتوقع أن تسلكها، فقد حان دور استخدام التحليل الفني لاستنباط معلومات تفصيلية تساعدنا على فتح صفقات التداول بشكل دقيق.