ما هو البنك المركزي؟

يجدر بنا البدء بتعريف بسيط. البنك المركزي هو بنك وطني سيادي يعمل بشكل مستقل عن الحكومة ويؤثر على السياسة النقدية. وهو يعتبر أيضا مصرفا بالنسبة للمصارف التجارية للدول الأخرى.

الهدف الأساسي للبنك المركزي هو الحفاظ على استقرار الأسعار من خلال التحكم بالتضخم وخلق بيئة اقتصادية مستقرة في البلاد.

يملك البنك المركزي ميزة هامة حيث يعتبر المؤسسة المالية الشرعية الوحيدة التي تملك الحق بطباعة الأوراق النقدية قانونيا. ومن خلال ذلك, يتمكن من التحكم بالمعروض النقدي و المبلغ الإجمالي المتاح اقتصاديا. مستفيدا من هذه الميزة, يمكن للبنك المركزي تحديد مستويات التضخم, وخلق البيئة الاقتصادية المناسبة.

السياسة النقدية


لنتحدث قليلا عن السياسة النقدية التي يستخدمها البنك المركزي للتحكم بمعدلات التضخم.

للتحكم بمستوى التضخم, يمكن للبنك استخدام واحدة من سياستين نقديتين:توسعية أو انكماشية.

السياسة النقدية التوسعية / المرنة / التيسيرية


إذا كان نمو الناتج المحلي الإجمالي ضعيفا، يقوم البنك المركزي بزيادة المعروض المالي في البلاد. علاوة على ذلك، يقوم بخفض أسعار الفائدة مما ينتج عنه نمو اقتصادي أكبر وارتفاع في معدل التضخم. كما ترتفع استثمارات الأعمال والإنفاق الاستهلاكي بسبب القروض الأقل كلفة. وبالنتيجة، فإن تطبيق مثل هذه السياسة يسمح للبنك بخلق ظروف جيدة للنمو الاقتصادي لكنه يؤثر سلبا على العملة المحلية.

بسبب أسعار الفائدة الحقيقية المنخفضة، لن يحتفظ المستثمرون الأجانب بأية أصول أو أموال في هذا البلد، كما سيبحث المستثمرون المحليون على أرباح وفرص أفضل في الخارج أيضا. تراجع الاستثمارات سيقود إلى تراجع الطلب على العملة المحلية. حيث ستنخفض قيمتها مقابل العملات الأجنبية.

بالمحصلة، فإن هذه السياسة التوسعية "التيسيرية" عندما يقوم البنك بتطبيقها، تقود إلى نمو الاقتصاد المحلي، لكنها تملك تأثيرا سلبيا على العملة الوطنية.

السياسة النقدية الانكماشية / الضيقة / التقييدية


عندما يكون المال المتاح للاقتصاد كبيرا، يقوم البنك المركزي برفع أسعار الفائدة للتقليل من المعروض المالي ومن مستوى التضخم. أسعار الفائدة المرتفعة تحد من قدرة أصحاب الأعمال والمصالح على الاقتراض. وبالتالي ليس هذا من صالح المستهلكين المحليين. ومع ذلك، فإن رفع أسعار الفائدة يسمح للبنك المركزي بخلق ظروف استثمارية حيث يميل المستثمرون الأجانب لامتلاك المزيد من الأصول المحلية في هذا البلد. وبالنتيجة، يشهد رأس المال الإجمالي الوطني ارتفاعا. كما سيقوم المستثمرون المحليون بالاستثمار في بلدهم أيضا. ارتفاع مستوى الاستثمار سيقود إلى ارتفاع قيمة العملة المحلية وبالتالي ارتفاع سعر صرفها.

بالنتيجة، فإن تطبيق مثل هذه السياسة الانكماشية يؤثر على الأعمال والمصالح المحلية بسبب المستوى المرتفع لأسعار الفائدة وتراجع القروض، لكنه يعزز قيمة العملة الوطنية.


الخلاصة: لماذا على المتداولين أن يولوا اهتماما لسياسات البنك المركزي؟

بالعودة للسؤال الرئيسي للمقالة، لنركز على أهمية أن يأخذ المتداولون السياسة النقدية للبنك المركزي بعين الاعتبار.

لتبسيط الأمر، لنذكر مثالا. عندما يمتلك بنك مركزي أسعار فائدة منخفضة ويحافظ عليها لفترة طويلة من الزمن، يمكن للمتداول البحث عن البنك المركزي الذي يتبع سياسة معاكسة – أي يقوم برفع أسعار الفائدة. يبقي المتداول على ماله بعملة البنك المركزي الثاني ذو أسعار الفائدة الأعلى للحصول على عائدات أكبر، أو يمكنه اقتراض المال من البنك الأول ذو أسعار الفائدة المنخفضة واستخدامه لتمويل الاستثمارات في بلد آخر.

من الحقائق الهامة أيضا أن عملة البلد الذي يقوم مصرفه المركزي بتطبيق سياسة متشددة تكون أكثر استقرارا واقتصاد هذا البلد أفضل من البلد الذي يتبع مصرفه المركزي سياسة نقدية توسعية.

بالنتيجة، فإن قيمة العملة ذات أسعار الفائدة الأعلى سترتفع مقابل العملة ذات أسعار الفائدة الأقل.