من السهل على متداول الفوركس أن يقتصر تركيزه على حركة أزواج العملات وأن تتمحور استراتيجياته الاستثمارية حولها دون أي شيء آخر.
برغم ذلك، فإن هذا النهج سيفوت على المتداول عدد هائل من الفرص والمعلومات الثمينة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في المدى الطويل. لا يمكن إنكار أن التذبذبات الحاصلة في أسواق العملات ترتبط بشكل وثيق بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة. لماذا؟ لأن قيمة العملة هي بالأساس تقييم نسبي لحالة الاقتصاد الوطني.
وبشكل عام، تزداد قوة العملة بالتوازي مع زيادة الثقة في اقتصاد بلدها، فيما تنخفض قيمتها بالتوازي مع الركود أو الضعف الاقتصادي. وبما أن الاقتصاد يتأثر بعوامل متعددة من السياسة الاقتصادية إلى التغيرات الاجتماعية والتطور التكنولوجي، يحدث نفس الأمر بالنسبة للعملات.
دعنا نلقي نظرة على بعض الأحداث الهامة التي يجب أن يوليها متداولي الفوركس اهتمام خاص.
السياسة الاقتصادية
تعتبر السياسة الاقتصادية هي العامل الأكثر أهمية الذي يجب أن يوليه متداولي الفوركس القدر الأكبر من الاهتمام. أحد الأمثلة على ذلك هو ما أعلن عنه الاحتياطي الفيدرالي عن تقليص وتيرة برنامج التسهيل الكمي.
برغم أن خفض مخصصات التسهيل الكمي يعكس ثقة البنك المركزي في الوضع الاقتصادي، إلا أنه يجلب معه قدر كبير من حالة عدم اليقين، والتي تأتي أساساً من التغير في السياسات التي ظلت قائمة على مدار خمسة سنوات. أيضاً فإن تقليص مخصصات برامج شراء الأصول بوتيرة سريعة قد يؤدي إلى انفجار معدلات التضخم. ولهذا السبب شهدنا تراجع الدولار الأمريكي خلال الفترة التي سادت فيها تكهنات حول قرب إعلان الاحتياطي الفيدرالي عن تقليص التسهيل الكمي، حيث هوى إلى أدنى مستوياته في أسبوعين أمام الين الياباني. ولكن بمجرد أن أعلن المركزي الأمريكي مواصلة العمل بسياسة التسهيل الكمي عند نفس المستويات السابقة، استعاد الدولار الأمريكي توازنه ونجح في تعويض خسائره السابقة.
على العكس من ذلك، شهدنا مؤخراً ارتفاع قيمة الباوند بعد تسريبات من بنك إنجلترا المركزي تتحدث عن عدم نيته تقديم أي حوافز مالية جديدة – في إشارة تعكس ثقته في الوضع الاقتصادي – وبالتالي الإبقاء على مخصصات برنامج التسهيل الكمي عند مستواها الحالي: تفاعل السوق بشكل إيجابي مع هذه التسريبات باعتبارها تعطي إشارات أكثر وضوحاً حول المسار المتوقع للسياسة النقدية.
الانتخابات
تعتبر الانتخابات عادةً واحدة من الفترات الأشد اضطراباً فيما يتعلق بالتوقعات الاقتصادية، باستثناء الانتخابات التي تشهد توافق بين الأحزاب المتنافسة واتفاق على حصة كل منها من كعكة السلطة.
تأتي أهمية الانتخابات في المقام الأول من أنها تحمل في طياتها احتمالات قوية لتغير السياسات النقدية والاقتصادية والمالية. وحتى مع الاستقلالية التي تحظى بها بعض البنوك المركزية مثل بنك إنجلترا المركزي تتأثر السياسة النقدية في كل الأحوال بالحكومة التي تتبوأ مقاعد السلطة.
بالإضافة لذلك، تتأثر الأسواق بمدى الثقة العامة في القدرات الاقتصادية للرئيس الجديد. وتتزايد حدة عدم اليقين إذا ما كان القادم الجديد إلى السلطة لم يتبوأ أي مناصب قيادية في السابق، وبالتالي لا يوجد جزم بشأن قدرته على قيادة سفينة الاقتصاد في المستقبل.