مارست السفن الحربية الصينية والتايوانية لعبة "القط والفأر" في أعالي البحار يوم الأحد بعد تدريبات عسكرية صينية لم يسبق لها مثيل استمرت لأربعة أيام ومن المقرر أن تنتهي الأحد، ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان.

وأثارت زيارة نانسي بيلوسي الأسبوع الماضي للجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي غضب الصين التي ردت بتجارب إطلاق لصواريخ باليستية فوق عاصمة الجزيرة للمرة الأولى وقطع روابط اتصال مع الولايات المتحدة.

وأبحرت حوالي 10 سفن حربية من كل من الصين وتايوان على مسافة قريبة من بعضها البعض في مضيق تايوان، حيث عبرت بعض السفن الصينية الخط الفاصل، وهو حاجز غير رسمي يفصل بين الجانبين في مضيق تايوان، وفقا لما ذكره مصدر مطلع.

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان إن العديد من السفن العسكرية والمقاتلات والطائرات المسيرة الصينية أجرت تدريبات مشتركة بالقرب من الجزيرة لمحاكاة هجمات على تايوان والسفن التايوانية. وأضافت أنها أرسلت طائرات وسفنا للرد "بشكل مناسب".

في غضون ذلك، ذكر التلفزيون الرسمي الصيني يوم الأحد نقلا عن أحد المعلقين بأن الجيش الصيني سيجري من الآن فصاعدا تدريبات "منتظمة" على الجانب الشرقي من الخط الفاصل في مضيق تايوان.

وقال المصدر المطلع إنه بينما "اندفعت" القوات الصينية باتجاه خط الوسط**** ‬‬‬‬ الفاصل، مثلما فعلت يوم السبت، ظل الجانب التايواني قريبا لمراقبة الوضع، وحيثما أمكن، حرم الصينيين من القدرة على العبور.

وأفاد المصدر بأن "الجانبين يظهران ضبط النفس، واصفا المناورات بأنها مثل لعبة "القط والفأر" في أعالي البحار.

وأوضح أن "أحد الجانبين يحاول العبور، والآخر يقف في طريقه ليحرمه من التقدم... ويجبره على العودة في النهاية إلى الجانب الآخر".

وقالت تايوان إن صواريخها المضادة للسفن التي تنشرها على الساحل وصواريخ باتريوت سطح - جو في وضع الاستعداد.

وقالت وزارة الدفاع إن مقاتلاتها من طراز إف-16 كانت تحلق بصواريخ متطورة مضادة للطائرات. ونشرت صورا لصواريخ هاربون المضادة للسفن تحملها طائرة أخرى.

وأفادت وزارة الدفاع التايوانية يوم السبت بأن قواتها سارعت بالدفع بطائرات لتحذير 20 طائرة صينية، من بينها 14 تجاوزت خط الوسط. كما رصدت 14 سفينة صينية تقوم بأنشطة حول مضيق تايوان.

* رفع القيود

ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الأسبوع الماضي أن التدريبات الصينية، التي تتمركز في ستة مواقع حول الجزيرة، التي تقول الصين إنها تابعة لها، بدأت يوم الخميس ومن المقرر أن تستمر حتى منتصف نهار الأحد.

ولم يصدر أي إعلان من الصين يوم الأحد بشأن ما إذا كانت التدريبات قد انتهت. وقالت تايوان إنها غير قادرة على التحقق مما إذا كانت الصين قد اختتمت التدريبات كما هو مقرر.

ومع ذلك، قالت وزارة النقل التايوانية إنها ترفع تدريجيا القيود المفروضة على الرحلات الجوية عبر مجالها الجوي، موضحة أن إشعارات التدريبات لم تعد سارية.

لكنها أشارت إلى أن تايوان ستواصل توجيه الرحلات الجوية والسفن بعيدا عن أحد مواقع التدريبات، التي لم تؤكدها الصين مطلقا، قبالة ساحلها الشرقي حتى صباح الاثنين.

وقال الجيش الصيني إن المناورات البحرية والجوية المشتركة، إلى الشمال والجنوب الغربي والشرق من تايوان، ركزت على قدرات الضربات البرية والهجمات البحرية.

ووصفت الولايات المتحدة التدريبات بأنها تصعيد.

وقال متحدث باسم البيت الأبيض "هذه الأنشطة تصعيد كبير في جهود الصين لتغيير الوضع الراهن. إنها استفزازية وغير مسؤولة وتزيد من مخاطر سوء التقدير".

وأضاف "كما أنها تخالف هدفنا طويل الأمد المتمثل في الحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان، وهو ما يتوقعه العالم".

* ’ألعوبة سياسية’

تقول الصين إن علاقاتها مع تايوان شأن داخلي وتحتفظ بالحق في إخضاع الجزيرة لسيطرتها بالقوة إذا لزم الأمر. وترفض تايوان مزاعم الصين قائلة إن شعب تايوان هو الوحيد الذي يمكنه تقرير مستقبله.

كما حذرت الصين الولايات المتحدة من "التصرف بتهور" وخلق أزمة أكبر. وقالت وكالة أنباء شينخوا التي تديرها الدولة في تعليق إن*‬‬ زيارة بيلوسي ما هي إلا "ألعوبة سياسية" لتعزيز صورتها الشخصية.

وأضافت "مع الإصرار على الذهاب إلى الجزيرة، من الواضح أنها لا تهتم بالإضرار بالعلاقات الصينية الأمريكية أو وضع السلام عبر مضيق تايوان على المحك".

ووصلت بيلوسي، المعروفة بانتقادها للصين منذ فترة طويلة والحليف السياسي للرئيس جو بايدن، إلى تايوان في وقت متأخر يوم الثلاثاء، في زيارة هي الأعلى مستوى لمسؤول أمريكي إلى الجزيرة منذ عقود، على الرغم من التحذيرات الصينية. وقالت إن زيارتها تظهر التزام الولايات المتحدة الثابت بدعم الديمقراطية في تايوان.

وصرحت بيلوسي في مؤتمر صحفي في اليابان يوم الجمعة أن رحلتها إلى آسيا "لا تتعلق بتغيير الوضع الراهن في تايوان أو المنطقة".

ونددت وزارة الخارجية التايوانية بالمناورات الصينية "العدوانية والاستفزازية" وحثت على "الوقف الفوري لمثل هذه السلوكيات التي تصعد التوتر وتعرض الصالح العام للمنطقة والعالم للخطر".

وفي إطار ردها على زيارة بيلوسي، أوقفت الصين الاتصالات عبر قنوات مختلفة مع الولايات المتحدة بما يشمل الحوار بين القادة العسكريين والمحادثات المتعلقة بالمناخ.

وتتمتع تايوان بالحكم الذاتي منذ عام 1949، عندما تولى الحزب الشيوعي بزعامة ماو تسي تونغ السلطة في بكين بعد هزيمة الحزب القومي الصيني كومينتانغ بزعامة تشيانغ كاي شيك في حرب أهلية، مما دفع أعضاءه إلى الانسحاب إلى الجزيرة.