يعتبر مؤشر القوّة النسبية RSI واحدًا من المؤشرات الأولى التي يتعرّف إليها التّجار الجدد عند اكتشاف عالم التحليل الفنّي.
يصنّف مؤشر القوّة النسبية " كمذبذب القوّة الدافعة الذي يقيس سرعة تحرّكات الأسعار والتغييرات التي تطرأ عليها".
ولكن ماذا يعني ذلك بالفعل؟
من أجل تعريف هذا المؤشر دعونا أوّلاً نلقي نظرة على أصول نشأته.طوّر مؤشر القوّة النسبية RSI ج. ويليس وايلدر، وهو مهندس وعالم رياضيات وتاجر. لقد عرّف عن هذا المؤشر وكشف عنه النقاب للمرّة الأولى في كتابه الشهير " مفاهيم جديدة في نظم التداول الفنّي".في ذلك الوقت، كان السيّد وايلدر تاجر أسهم وسلع يواجه مشكلة يمكن التعبير عنها بالتالي: "على الرغم من متانة الإتّجاه الصعودي، كيف أعرف أنّ السعر ليس غاليًا للغاية من أجل دخول موقع الشراء؟" أو من الممكن قول المثل بالطريقة المعاكسة:" في حال كان الإتّجاه الهبوطي متينًا وقويًا، كيف أعرف أنّ السعر ليس زهيدًا للغاية؟"وعلى غرار التّجار، واجه العديد منّا المشكلة عينها. فلنأخذ الذهب على سبيل المثال. هذا الإتّجاه سائد منذ حوالى التسعة أعوام، لاحظ كيف تقدّم الذهب من أقلّ من 300$ للأونصة وصولاً الى المستويات الراهنة على مقربة من 1800$.وفي حين تزايدت قيمة "المعدن الأصفر" حوالى الستّة أضعاف، لم يكن هذا الأمر إيجابيًا بالنسبة الى التّجار جميعهم. تجدر الإشارة الى أنّه خلال هذا الإتّجاه الصعودي، كانت هنالك فترات شهد فيها الذهب تصفيات اعتبارًا من الذروات. في ما يلي، رسم بياني يومي يظهر فقط تحرّكات الأسعار منذ منتصف أكتوبر 2010. أنظر الى "المناطق الصفراء" التي تشير الى الفترات التي شهد فيها الذهب تصفيات- حيث تحرّكت بعكس الإتّجاه الصعودي المتين الذي لاحظناه في الرسم البياني السابق.
وفي حين يؤكّد الرسم البياني أعلاه الإتّجاه الصعودي القويّ والميل المحتمل لدخول مواقع الشراء، يظهر أيضًا كيف أنّ عمليات الشراء العمياء في الإتّجاهات الصعودية قد تكون بمثابة استراتيجية قاسية بالنسبة الى التّجار.لذلك- أدرك أنّه من غير الكافي القيام بكلّ بساطة بعمليات شراء في خضمّ الإتّجاه الصعودي أو بعمليات بيع في الإتّجاهات الهبوطية (حتّى في أكثر أقوى الإتّجاهات في العالم السائدة خلال العشرة أعوام السابقة)؛ فكيف سأعمد الى دخول المواقع وبدء التداولات؟هذا هو صعيد من الأصعدة حيث بإمكان مؤشر القوّة النسبية RSI المساعدة والتوجيه. سيقيس مؤشر القوّة النسبية تحرّكات السعر المسجّلة بين الشمعات في الفترات X السابقة (مع كون X الإطار الزمني الذي استخدمه التاجر، وهو عادة ما يكون 14 مع مؤشرRSI).ومع تغيّر السعر، سيسجّل مؤشر RSI هذه التغييرات في السعر- مقارنة بتحرّكات الأسعار السابقة- بهدف إظهار "درجة القوّة".ستشير القيم العالية التي يبيّنها مؤشر RSI بشكل عام الى الآفاق الصعودية، وتدلّ تلك المتدنّية الى الآفاق الهبوطية.غالبًا ما تتحرّك المذبذبات بين حدود تتراوح بين 0 و100. في ما يلي، رسم بياني يظهر مؤشر RSI مع الحدود الدنيا 0 والحدود العليا 100. في هذا المثال، نستخدم فترة 14 يوم (وهي الأكثر شيوعًا مع مؤشر RSI).من الضروري أيضًا الإشارة الى بعض التفاصيل الإضافية التي تتعلّق بمؤشر القوّة النسبية RSI.ستلاحظ تمركز "خط الوسط" عند مستوى 50. يعتبر التّجار غالبًا هذا الخط بمثابة نقطة الفصل. في حال جاءت قراءة RSI فوق مستوى 50- سيعتبر التّجار أنّ "الإتّجاه هو صعودي". في حال كان RSI دون مستوى 50، سيعتبر التّجار أنّ "الإتّجاه هو هبوطي".علاوة على ذلك، في حال تجاوز مؤشر RSI مستوى 70- لا يكون مسار الزوج صعوديًا فحسب، بل يختبر عمليات "شراء مفرطة". أو من الجانب الآخر، يعتبر التّجار أنّ في حال تواجد RSI دون مستوى 30- لا يكون مسار الزوج هبوطيًا فحسب، بل قد يكون في صدد اختبار "عمليات بيع مفرطة".مؤشر القوّة النسبية RSI الظاهر أدناه يبيّن تلك المستويات:والآن بعد أن كوّنا فكرة لا بأس بها حول مؤشر RSI وكيفية نظر التّجار الى هذا المؤشر: كيف يمكنه مساعدتي على دخول مواقع الذهب التي ذكرناها في بداية القسم؟في الواقع، إنّه واحد من الإستخدامات الأكثر شيوعًا لمؤشر RSI. تذكّر أنّه اعتبارًا من أوّل رسم بياني نظرنا إليه، شاهدنا الإتّجاه الصعودي القويّ الذي يتّبعه الذهب. كتاجر، أرغب في أن أحاول ربح الفرص والإحتمالات، لذلك سأتطلّع فقط الى دخول مواقع الشراء على ذلك الرسم البياني.والآن بعد أن أدركت أنّني أرغب في الشراء، بإمكاني بكلّ بساطة مراقبة مؤشر القوّة النسبية RSI لكي يبعث "بإشارة". وفي حالة مواقع الشراء، ينبغي عليّ الإنتظار الى أن يظهر مؤشر RSI تواجد "عمليات بيع مفرطة"، ما يشير الى أنّ الضعف الذي برز في الأجل القريب ولّد فرص شراء محتملة في خضمّ هذا الإتّجاه الصعودي.
في حالة مواقع الشراء، سأنتظر الى أن يظهر مؤشر RSI إشارة "عمليات بيع مفرطة" وعندما يغادر منطقة البيع المفرطة (دون مستوى 30)، سأتطلّع الى الشراء.في ما يلي مثال على الإستراتيجية عينها مع استخدامها في عملية بيع:عندما يتراجع مؤشر القوّة النسبية بإتّجاه مستوى 70 (ما يشير الى أنّ السعر يخرج من منطقة الشراء المفرط)، أتطلّع الى بدء عمليات البيع.