السيرة الهلالية هي إحدى أشهر السيرالشعبية العربية، وهي ملحمة طويلة تصف هجرة بني هلال، وتمتد لتشمل تغريبة بني هلال وخروجهم من ديارهم إلى تونس، وهي السيرة الأقرب إلى ذاكرة الناس، والأكثر رسوخًا في الذاكرة الجمعية ، وتبلغ نحومليون بيت شعر، أضفى عليها الخيال الشعبي ثوبًا فضفاضًا باعد بين الأحداث وبين واقعها، وبالغ في رسم الشخصيات.
ومن السيرة الهلالية تتفرع قصص كثيرة مثل قصة الأمير أبو زيد الهلالي وقصص أخته شيحة المشهورة بالدهاء والاحتيال، وسيرة الأمير دياب بن غانم الهلالي، وقصة زهرة ومرعي وغيرها من السير المتراصة التي تشكل في مجموعها ما يعرف بسيرة بني هلال وأن تقدم إحدي تلك القصص في عمل مسرحي فإنك بذلك تواجه تحدي كبير عليك أن تكون " قد التحدي " ، والمخرجة منار زين العابدين قبلت هذا التحدي لتقدم لنا عرضا مميزا وفرجة شعبية مشبعة بالعناصر الدرامية التي كتبها بكري عبد الحميد ، وهي بالمناسبة مهمة صعبة للكاتب المسرحي بما تتضمنه من أحداث وشخوص بكل زحام أحداثها وتنوع الأماكن والزمن في حيز القالب المسرحي بحدوده المعروفة.
وباعتبار أن المسرح لغة تكثيف وتعبير فقد نجحت المخرجة منار زين في مسرحة جزء من السيرة الهلالية بلغة مسرحية شاعرية واستخدمت عناصر العرض الشعبي حتي قبل دخول الجمهور لقاعة المسرح " صلاح جاهين " بمسرح البالون التابع للبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية بقيادة المخرج الدكتور عادل عبده ، فالجمهور قبل دخول قاعة العرض يستمع لفرقة شعبية تستخدم كل آلات الحكي الشعبي التي كانت تستخدم في سرد أحداث السيرة الهلالية لتؤهله لدخول القاعة التي حولتها المخرجة لمشاهد دائرية يتحرك معها الجمهور في حركة دائرية ليشاهد أماكن متنوعة وينتقل من مشهد لآخر من خلال قرص يجلس عليه الجمهور يتحرك في توقيتات محددة لينقل المشاهد من مكان لآخروهو حل ذكي وحيلة مسرحية تستحق الدراسة والتأمل فعادة يكون الجمهور هو الثابت والديكور هو المتغير ولكننا هنا ننقل الجمهور في حركة دائرية لأماكن مختلفة ، وهنا تظهر براعة المخرجة في إيجاد حلول إخراجية تتناسب مع حجم ومساحة القاعة الصغيرة التي ينتقل المشاهد من خلالها لأماكن مختلفة تدور فيها أحداث كثيرة، فالإخراج هنا عملية إبداعية لا تقل عن التأليف فالإخراج خلق للنص وضعا جديدا وليس نقل كلمات النص علي لسان الممثلين .